تجاوز إلى المحتوى الرئيسي
x

السؤال
إذا كانت الجبرية تعتقد أن الإنسان مجبر على كل فعله ، والقدرية تعتقد أن الإنسان مقدر له وعليه كل شيء فكيف نكون وسطا بين هذه وتلك؟
الاجابة

أوتي السائل من سوء فهمه ؛ لأنه فهم القدرية على أنهم يثبتون القدر . لا ، القدرية سمُّو قدرية ؛ لأنهم ينفون القدر ، وإذا كان كذلك انقلب عليه الاستنتاج ، فيكفينا هذا عن الإجابة عمَّا استشكله ؛ لأنه ظن أن معنى القدرية أنهم يثبتون القدر ، وأولئك جبرية بمعنى مجبورون كيف يكون أهل السنة وسط بين الذين يثبتون القدر والذين يقولون بالجبر لا شك أن في هذا إشكالاً ، لكن ليس المعنى هو ما فهمه . بل القدرية الذين يقولون لا قدر والجبرية يقولون لا قدر فالإنسان يفعل ما يشاء ، يخلق فعل نفسه ، ما لأحد فيه علاقة ، لا الله – جل وعلا – ، ولا غيره ، ليس لأحد فيه علاقة .

       ثم يقول الجبرية هو مجبور على كل فعل ليس له اختيار . وواضح من هذا أن أهل السنة يقولون بين هذا وذاك ، ليسوا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ، يقولون هو في بعض أفعاله مجبر ، حركاته الارتعاشية ، بعض الأشياء الباطنية الموجودة فيه ، فهو ليس له فيها تصرف ، أي حركات قلبك أنت ليس لك فيها تصرف ، وليس لك تصرف في حركة معدتك ، فهذا أنت مجبور عليه ؛ لأنه ليس باختيارك .

       وهذا من رحمة الله بك أن لم يجعلها باختيارك ، فربما بعض الناس من بخله يمكن يُقسِط في ضربات قلبه مثلاً ، أو في حركات معدته فلا يريد أن تهضم طعامًا كثيرًا ونحو ذلك . لكن الله – جل وعلا – من رحمته بعبادة أن جعل هذا لهم .

        فمن ثَمَّ بعض الأفعال اختيارية وهي عامة أفعالك التي كُلِّفت بها , تفعل ، تقتل ، هذا عليك جزاء فيه ليس اضطراريا ، تذهب إلى الصلاة فلك أجر ، تذهب إلى المعصية عليك وزر هذا شيء اختياري ﴿ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴾ [ البلد : 10 ] ﴿ قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا ﴾ [ الشمس : 9 – 10 ] ) .

        أما القدرية فيقولون لا قدر ، أنت تخلق فعلك ؛ لأن الله – جل وعلا – ليس له علاقة بأفعالك ، فأنت إذا فعلت ما فعلت فليس لله – جل وعلا – بعد ذلك إلا محاسبتك على ما خلقته أصلاً . فأهل السنة بين الجبرية وبين القدرية وسط . والحمد لله على أن وفقهم لذلك .

تغريدات الموقع